الرئيسية » الدين والحياة
محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة
الأحد, 05 فبراير 2012 - 09:48 am عدد الزيارات: 135
1
بقلم: د. عماد الدين خليل
مع انبثاق رسالة الإسلام في ليل الجاهلية أخذ عرب الجزيرة ويهودها ونصاراها يراجعون معطياتهم الدينية لتبين ملامح النبي الموعود، والإرهاصات التي آذنت بظهوره.. وإنه لأمر يثير الدهشة واليقين معًا أن يجد الإنسان في كتب هؤلاء وأولئك، بل فيما تبقى من كتبهم بشكل أدق.. هذا الحشد الغزير من الروايات والنصوص التي تؤكد نبوة محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام- وصدقها وحجيتها.ولن يتسع المجال لاستعراض وتحليل هذه المعطيات كافة، ولنكتفي بعرض شواهد منها فحسب.. ففيها الكفاية.. ولنخصص هذا المقال لبعض ما تضمنته كتب يهود، ونترك مقالاً آخر لكتب النصارى..عن زيد بن أسلم قال: "بلغنا أن عبد الله بن سلام كان يقول: إن صفة رسول الله في التوراة: "يا أيها النبي إن أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخب بالأسواق، ولا يجزي السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن أقبضه حتى أقيم به المّلة المتعوجة بأن يقولوا لا إله إلا الله، فيفتح به أعينًا عميًا وآذانًا صمًّا وقلوبًا غلفًا". فبلغ ذلك كعب الأحبار فقال: صدق عبد الله بن سلام إلا أنها بلسانهم "أعينًا عموميين وآذانًا صموميين وقلوبًا غلوفيين".وفي كتاب أنساب الأشراف للبلاذري، المؤرخ، عن عبد الله بن سلام أن أباه كان يردد: إن كان النبي القادم الذي يجدون صفاته في كتبهم من ولد هارون اتبعته، وإلاَّ فلا.ونقرأ في التوراة، سفر حجي، الإصحاح الثاني، الفقرتين ٦ و٧ "لأنه هكذا قال رب الجنود هي مرة بعد قليل فأزلزل السماوات والأرض والبحر واليابسة. وأزلزل كل الأمم ويأتي مشتهى كل الأمم، فأملأ هذا البيت مجدًا قال رب الجنود". وقد جاء في حاشية الأصل العبري "مشتهى كل الأمم حمدوت، أي الذي تحمده كل الأمم".فالتوراة إذن صرحت باسم محمد (حمدوت)، ولكن الترجمة أبعدت لفظة (محمد) لتضع مكانها مرادفًا يصرف الذهن عن الاسم الحقيقي هو (مشتهى كل الأمم).وفي سفر التثنية، الإصحاح الثامن عشر، فقرة ١٥ نقرأ "يقيم لك (أي لموسى) الرب إلهك نبيًّا من وسطك من إخوتك مثلي. له تسمعون". ويقول في الفقرة ١٨: "أقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به". وهي عبارة يقول إبراهيم خليل أحمد في كتابه المعروف (محمد بين التوراة والإنجيل والقرآن): مجملةً فسرها اليهود بمجيء رسولٍ منهم لا من ولد إسماعيل. وكأن الله تعالى جعل هذه العبارة مجملة وألهمهم هذا التفسير، حفظًا لهذه البشارة؛ لأنهم لو عرفوا أن الرسول المبشر به سيكون من ولد إسماعيل لأخفوها أو محوها. وقد أثبتت الأيام أن الرسول المبشر به هو محمد .وورد في سفر التثنية أيضًا، الإصحاح الثالث والثلاثين فقرة ٣ "جاء الرب من سيناء، وأشرق لهم من سعير، وتلألأ في جبل فاران". وتلك هي الرسالات الثلاث لموسى والمسيح ومحمد عليهم السلام، وهذا مصداق قوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ} [التين: 1-3]؛ لأن منبت التين والزيتون مهجر إبراهيم، ومولد عيسى عليهما السلام، وطور سيناء مكان مناجاة الله تعالى لموسى u، وفاران في مكة مولد الرسول .هذا فضلاً عن الروايات التاريخية العديدة التي تحمل إرهاصات مجيء الرسول الجديد u وصفاته؛ فعن عاصمٍ بن عمرو بن قتادة عن رجال من قومه قالوا: "إنما دعانا إلى الإسلام ما كنا نسمع من يهود أنه تقارب زمان نبي يبعث فيقتلكم قتل عادٍ وإرم ". وعن سلمة بن سلامة الذي شهد بدرًا قال: "كان لنا جار من يهود بني عبد الأشهل، أشار بيده إلى مكة واليمن وقال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد. قالوا: من يراه؟ فنظر إليَّ وأنا من أحدثهم سنًّا فقال: إن يستكمل هذا الغلام عمره يدركه. قال سلامة: والله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمدًا". وهذا ابن الهيبان من يهود الشام خرج من الشام إلى الحجاز وحل في بني قريظة ثم توفي قبل البعثة بسنتين، ولما شعر أنه ميت لا محالة قال: يا معشر يهود، ما ترون أخرجني من (الشام) إلى أهل البؤس والجوع (أي الحجاز)؟ قالوا: أنت أعلم. قال: إنما قدمت هذه الأرض أتوكف (أتوقع) خروج نبي قد أظل زمانه، وهذه أرض مهاجره، وكنت أرجو أن يبعث فأتبعه!!من أجل ذلك راح اليهود يعلنون بين الحين والحين عن قرب ظهور النبي الأخير، ويتباهون بذلك ويهددون بالانتماء إليه، ويتوعدون مخالفيهم من أجل مزيد من السيطرة والإذلال واحتكار المقدرات المادية والأدبية لمئات الآلاف من العرب المحيطين بهم كجزيرة منقطعة. ولم يكن الكثيرون من أحبار اليهود يتوقعون أن النبي الجديد سيجيء هذه المرة من سلالة أخرى غير السلالة الإسرائيلية المعروفة، وأنه بانتمائه العربي سيشكل خطرًا أكيدًا على وجودهم المستغل، وبدعوته العالمية المفتوحة على الإنسان في كل مكان سيكتسح تجمعاتهم العرقية المغلقة، وبمبادئه العادلة السمحة الواضحة سيفضح طقوسهم وأسرارهم التي يرتزقون منها، ويضمنون بها بقاءهم في المراكز العليا لبني قومهم.وصدق الله العظيم القائل: {الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 146]، {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف: 6].
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment