| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
بل وُضعت على الرفوف المنسية قرارات الجامعة العربية ومشاريعها التي لها علاقة بالتكامل الاقتصادي العربي، أو السوق العربية المشتركة، أو حتى بالتعليم والثقافة. أما في السياسة، فكان غسل اليدين من المسؤولية العربية عن القضية الفلسطينية واعتبارها القضية الأولى أو المركزية. وذلك من خلال اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، وصولاً إلى رفع الشعار المسموم القائل "نرضى بما يرضى به الفلسطينيون"، بعد أن ضمنوا ولوغ "م.ت.ف" في مسار اتفاق أوسلو. في مرحلة التسعينيات، تم الانتقال إلى الاقتصاد العولمي، ودخول العالم في مرحلة امتلاك الأموال ذات الأرقام الفلكية بالبلايين والتريليونات لدى الشركات المتعدّدة الجنسية ودول النفط، وحتى ثروات الأفراد أخذت تصل إلى عشرات البلايين. وقد دخلت أموال بعض الأمراء في عداد مالكي مئات البلايين من الدولارات، ولم يعد ثمة ذكر لمن يملكون الملايين ولا عشرات الملايين من الدولارات، فهؤلاء أصبحوا من الأثرياء المتواضعين. النصيب العربي في الحديث عن الثروات المالية الفلكية الأرقام كان وافراً، ابتداءً من مردودات النفط وانتهاءً بالحكام ومروراً بالفاسدين. ومن دون أن يُنسى الذين امتلكوا شركات الاتصالات وتجار السلاح. القسم الأعظم من هذه الثروات المالية ذات الأرقام الفلكية أودع -وما زال يودع- في الغرب، في البنوك والبورصات والعقارات وسندات الدول. ودعك من الهدر الخيالي لثروات تبدّد في صفقات سلاح لا هدف ولا جدوى منها غير عملية الشراء لذاتها، ولدفع عجلة الاقتصاد في أميركا وأوروبا، كما لصفقات متعدّدة الأشكال كالطائرات الخاصة واليخوت والسيارات، وما لم يسمع به أحد من الاستهلاك ما فوق الرفاه. ما يراد التركيز عليه هنا هو الأموال العربية، وفي مقدمّها النفطية التي تملكها الدول المودعة -والتي تودع يومياً- في الغرب. وهذه تدخل في عداد مئات المليارات وأكثر. ولا يمكن أن يحصرها رقم دقيق لأنها تزيد مع كل دقيقة. يحدث هذا في وقت نرى فيه أغلب الدول العربية -منذ السبعينيات وحتى اليوم- تتهالك على طلب القروض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتتهافت على الدول الغربية للاستثمار والسياحة فيها. وذلك إلى حدّ القبول بما يحمله كل ذلك من شروط سياسية واقتصادية وثقافية. والأنكى أن الحكومات التي خرجت بعد الثورات الشبابية الشعبية راحت تسير على طريق طلب القروض والاستثمار والسياحة من أميركا وأوروبا، فيما الأموال العربية النفطية -الفائضة عن الموازنات واستهلاك الداخل- لا تعرف لها طريقاً سوى الانتحار اللذيذ والإرادي في الغرب.
كلمة الانتحار مجازية لأن الأموال التي تودع في أوروبا وأميركا لا يمكن أن
تُسترجع، بالرغم من أنها مسجّلة باسم مودعيها، ويستطيعون -من حيث المبدأ، أو
نظرياً- أن يستردّوها. والغرب حتى لو لم يُرد السطو عليها فإنه لا يستطيع أن يعيد
عُشـُر معشارها، لأن اقتصاده المأزوم يعتمد عليها ولا يحتمل إعادتها. وباختصار، فإن
تلك الأموال تحتاج إلى من يقرأ "الفاتحة" على روحها.
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ** والماء فوق ظهورها محمول وهذا ناتج عن التجزئة العربية والهيمنة الخارجية وما تمارسه من ابتزاز تحت حجّة حماية دول الخليج العربية. الوضع العربي الراهن أشدّ فداحة من كل وضع عربي سبق، فالحاجة إلى الأموال والقروض تكاد تعمّ أغلب الدول العربية، فيما بعض المال العربي النفطي وغير النفطي -الذي ما زال يودع يومياً في الغرب- يسدّ تلك الحاجة ويفيض. ودعك من غير المرحوم الذي أودع. فهل من المعقول أن يتعرّض استقلال الدول العربية للارتهان وسياساتها الداخلية والخارجية للشروط التي يمليها الغرب وبنوكه الدولية، فيما هو راح يرتع في أموال دول النفط العربي؟ الجواب الذي يجب أن يُطرَح هو شعار "أموال العرب الفائضة للعرب"، مع إعادة الاعتبار لشعار "بترول العرب للعرب". طبعاً هنالك حساب آخر للفاسدين الذين يودعون عشرات ومئات الملايين -وربما أكثر- في دول الغرب. الحجج التي يمكن أن تقدّم دفاعاً عن أن العرب أوْلى بالأموال الفائضة التي تودع في الغرب كثيرة وأقوى من أن يُردّ عليها. وهذه تبدأ من كوننا أبناءَ أمّة عربية واحدة، وتجمعنا أخوّة الإسلام والأمّة الإسلامية، ويربطنا مصير واحد، ومصالح عليا مشتركة. وبكلمة، ليس المطلوب التحدّث عن وحدة غير قائمة، ولا طرح شعار يثير صراعات عربية/عربية، ولا الدعوة إلى حقوق متساوية أو عدالة مثلى، وإنما المقصود ذلك المال الفائض عن الحاجات والمنتحر عملياً حين يودع في خزائن الغرب وعقاراته وفنادقه وشركاته. المطلوب أن يتحوّل الفائض الآتي -من الآن فصاعداً- إلى بنك عربي دولي أو صندوق نقد عربي دولي، لإعطاء قروض ميسّرة وسخيّة للعرب، تنقذ الكرامة العربية والاستقلال العربي من شروط القروض الدولية والاستثمار والسياحة من أميركا وأوروبا. بل هذا الفائض يستطيع أن يقيم بنكين عربيين/إسلاميين عملاقين مُوازيين للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ويكونان في خدمة البلدان الإسلامية والعالم ثالثية كذلك. ولن نكون على وهم لو توقعنا أن تأتي دول من الغرب -وربما كبراها- لتطلب القروض منا إذا توقف دفق الأموال العربية غرباً وشمالاً، وساد الرشد والاستقلالية في التصرف بها. طبعاً لا إمكان للأخذ بهذا الاقتراح لأسباب معروفة، وإن كان بعضها يدخل في إشكالية التبعية، وبعضها في إشكالية القـُطرية الضيّقة الأفق، وأخرى في ما يمكن أن يوجّه من نقد لطالبي القروض أنفسهم، كما إشكال توفير الأمن القومي العربي بعامّة. ولكن أصبح من الضروري أن يُرفع شعار "أموال العرب الفائضة للعرب" ويصبح رأياً عامّاً هادراً. فالذين يذهبون بقسط مقدّر من أموالهم إلى الانتحار، ويضّنون بها عن إخوتهم أبناء أمتهم ودينهم يجب أن يسمعوا قولة الحق في ما يفعلون. فهذا من الحرام في استخدام المال، ولا يجوز أن يمرّ على شعوبهم وأمتهم مرور الكرام. هذا ودعك مما يدخل في السفه في مجاليْ الرفاه والتبذير.
ولكن من هنا أيضاً آن للوعي الشبابي والشعبي أن يدرك أن الإشكالات الكبرى التي تواجه حريّة وكرامة الإنسان العربي والأمّة العربية لا تقتصر على الخلاص من الاستبداد والفساد. وإنما تمتدّ إلى الخلاص من الهيمنة التي تمنع من أن يكون مال العرب للعرب، أو في الأقل فائضه المرسل للغرب، كما تمتدّ إلى طريق وحدة الأمّة وتكاملها، وهذا من شروط نهضتها الاقتصادية والعلمية والتقنية. ثم هنالك قضية القضايا وهي قضية فلسطين، حيث يستخدم الغرب -ولا سيما أميركا- سلاح القروض والاستثمار والسياحة للتهاون بها، وصولاً للتخاذل والتفريط فيها. الوضع العربي بأسره يحتاج اليوم إلى إعادة صوْغ العلاقات بين دوله. فكما أنه ثمة حاجة في كل قـُطر عربي إلى إعادة صوْغ الوحدة داخل كتلته التاريخية، وعدم السماح بالتدهور وتجزيء المجزّأ، فإن ثمة حاجة موازية لإعادة صوْغ وحدة الكتلة التاريخية على المستوى الشعبي العربي العام، وكذلك على مستوى الدول والجامعة العربية. وقد أصبحت هذه المهمة أكثر إمكاناً بعد أن أخذت تفتح الآفاق أمامها، بسبب تدهور سيطرة الدول الاستعمارية/الإمبريالية على العالم عموماً، وما نشهده من نهوض عربي إسلامي عام.
المصدر:الجزيرة
شروط الخدمة
شارك برأيك
انشر تعليقك عن طريق تسجيل الدخول باحدى الطرق التالية:
دخل السعودية مليار دولار كل 24 ساعة ! هل هؤلاء الملوك والأمراء
والمشايخ لايشبعون !!! نعم الشعب السعودي ليس فقير ولكن هل حال السعودية اليوم من
بني تحتية وصناعة وتعليم وصحة يتماشي مع مليار دولار يومي كدخل ؟؟؟؟؟
المشکلة أن حکام العرب فی دول النفط غیر قابلین للأنتقاد ویظنون بأنهم
أعلم الناس فی کافة المجالات من دون إستثناء. زَیّن الحکام أنفسهم بألقاب رنانة
کالفارس والخادم والأمیر والسلطان و شیدوا بینهم و بین الشعب جدارا غیر مرئي بحیث
لایسمح هذا الجدار بوصول أفراد الشعب الی مناصب قیادیة علیا أبداً مهما کانت
تخصصاتهم و علومهم و تفوقهم الفکری والعقلی علی حکامهم. مجموعة الحکام لا تمثل
شعبها وهي فئة تتوارث الحکم عن أجدادها وتفتقر الجدارة والکفاءة، وهذه مشکلة کبیرة
علی المجتمع العربي أن یتخلص منهاإن أراد النهوض
لكى يحكم العملاء والعيب ليس بهم بل من امواله واولاده يتضررون جوع
الشعب ان وجد هل رايت حاكم فرنسى او المانى او امريكى اموال شعبه سيطر عليها وودعها
بجنيف فهى جريمة جنائية ببلدانهم بلدان العدل والديموقراطية وحقوق الانسان ولانها
شعوب انتزعت حقوقها بيدها ولو هو صهر ملك اسبانيا استدعته المحكمة وطلبت منه ان يجئ
على رجليه وليس بموفد ملكى للمحكمة ليجيب عن اموال عامة قدرها 300الف يورو حولها
لجمعيته بغير وجه حق يحيا العدل ومستقل لايفرق هنا بين رئيس حكومة ولا مواطن عادى
وكلهم امامه سواسية ومن اخلاق الاسلام
|
Friday, January 11, 2013
Why the Gulf corrupted kings have their money in the west simple answer is to protect them, Do you really want them to tell you I am Al Mahdi Al Muntazer
Subscribe to:
Post Comments (Atom)