كتب مراسل صحيفة "الجارديان" البريطانية في القاهرة جاك شينكر مقالا عن تجربته في تغطية الإنتخابات البرلمانية المصرية، والتي وصفها بأنها مسرحية هزلية ألفتها النخبة السياسية المصرية.
واستعرض شينكر تحليله لنتائج الإنتخابات التي جعلت 97% من مقاعد البرلمان تقع تحت سيطرة الحزب الوطني الحاكم، وهو ما اعتبره مراسل الصحيفة البريطانية في مقاله رسالة تحذير ذات دلالة لا يمكن الاستخفاف بها وهي أن النظام لن يلتفت إلى أي شئ سوى ضمان بقاءه في السلطة.
كما اتهم شينكر في مقاله حلفاء مصر الغربيين بأنهم لا يرغبون في وجود ديمقراطية حقيقية في مصر، إلا أنهم في الوقت نفسه سيجدون أنفسهم مجبرون للبحث عن جدوى من الإحتفاظ بالعلاقة الوثيقة مع نظام مبارك.
نص المقال
كانت تغطية الإنتخابات البرلمانية المصرية هذا الأسبوع تجربة سريالية، فعلى سبيل المثال قام مسئولو الأمن بقطع الكهرباء عن أحد لجان التصويت لمنعنا من رؤية صناديق الانتخاب الممتلئة، ليقوم مرشحو المعارضة باشعال شموع كي نجد طريقنا وسط الظلام.
وفي اليوم التالي للإنتخابات، قام المراقبون من جمعيات المجتمع المدني ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين بسرد الكثير من الأمثلة على أعمال العنف الفاضحة، بدءا من شراء الأصوات وحتى تخويف رجال الأمن للناخبين، ويمكن الشعور أنه مع استخدام عبارات مثل "مخالفات" قد يضفي على تلك الإنتخابات قدرا من الشرعية الزائفة لتلك المسرحية، إلا أنه في الحقيقة يمكن القول أن تلك المخالفات تمت وفقاً نظام محدد.
ومشكورة، كثفت اللجنة العليا للإنتخابات في ذلك الصباح عملها بالتركيز على إزالة أي غموض حول ما اذا كانت البلاد تشهد عملية ديمقراطية حقيقية أم لا. وباعلان نتيجة الجولة الأولى التي أظهرت فوز الحزب الوطني الحاكم بـ97% من مقاعد البرلمان تاركا جماعة الإخوان التي كانت تشكل أكبر قوة معارضة في البرلمان السابق بلا أية مقاعد، خرج المتحدث باسم اللجنة العليا لإخبارنا أن العملية الإنتخابية برمتها قد تمت بشكل سليم، وأن النتائج تعكس رغبة الناخب المصري. في القاهرة، يمكن إطلاق الهراء عبر وجه جاد.
لقد رفعت عنا كلمة المتحدث الرسمي عبء التظاهر بأن ما حدث يوم الأحد الماضي، وسيتكرر نهاية الاسبوع في جولة الإعادة- يشكل شئ ما يشبه الانتخابات، وبدلا من ذلك، فان الوصف الأفضل لما جرى يوم الأحد هو أنه عمل مسرحي من تأليف النخبة السياسية المصرية (ليس بالضرورة عمل فني رائع) وتم اختيار الأداء المسرحي بشكل لا يتفق مع رغبة الجمهور، إذا يصبح السؤال هو " إلام يهدف هذا الأداء، ولماذا؟".
مع اقتراب العقود الثلاثة التي حكم الرئيس مبارك فيها مصر من نهايتها، يواجه المتشبثون بالنظام المصري الذي نجح في تخليد نفسه عاما من التقلبات السياسية، حيث يتنافس المطلعون على شؤون الحزب الداخلية من خلال المناورات على الدخول إلى منطقة الوريث الطبيعي.
وتُظهر ممارسات الأحد الماضي قدرا من الديناميكيات التي يعتمد عليها هذا السباق، على الرغم من رصد عدة مشاهد تكشف وجود منافسة داخلية في الحزب. ذلك لأن الصراع الداخلي للحصول على ترشيح الحزب الوطني للبرلمان لا يزال محدوداً ، حيث يبحث رجال الأعمال عن دعم وتعزيز مكانتهم ومصالحهم من خلال البرلمان الذي يمنح حصانة قانونية، والمرور إلى مناطق رفيعة في الدولة، وبالتالي فان ذلك التنافس لا يعكس انقساماً وانشقاقا حقيقياً داخل الحزب الحاكم.
فالحزب باق بالتاكيد، وهم يوجهون تركيزهم الآن حيث تتم صناعة القرارات حول ما اذا كان يجب ترشيح مبارك لست سنوات أخرى عندما يحل موعد الإنتخابات الرئاسية، بينما يواجه ابنه جمال شكوك عسكرية خفية راسخة حول قدرته على القفز إلى حذاء والده.
إلا أن هذا العرض يهدف إلى شئ آخر، فهو يهدف إلى ارسال رسالة مفادها أن الإنتقال من فرعون لآخر سيتم من خلال هذا الحكم الفردي، حيث يتم إبعاد جميع الأصوات الأخرى.
إن دلالة هذه الرسالة في وقت تشهد فيه أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان ثوران في النشاط العمالي، واحتجاجات شعبية متقطعة ، إلى جانب انفجار في منتديات المعارضة على الرغم من الجهود الحكومية لإخصاء الإعلام المستقل، دلالة لا يمكن الاستخفاف بها. إنها انذار للمصريين بأنه لن يكون هناك أي وسيلة للتعبير عن التظلم والتشكي، كما أنه لن يكون هناك حتى صمامات يمكنها إخراج الضغط الموجود داخل من هم خارج قدس الأقداس، بحيث لا يمكنهم التحدث والمشاركة في تحديد المسار الذي ستسلكه مصر، وكما قال شادي حميد في مركز بروكنز "النظام ليس في حالة مزاجية تسمح له بالمخاطرة ببقائه في الوقت الذي نستعد فيه لدخول مرحلة ستكون من أكثر المراحل تحديا في تاريخ مصر الحديث".
فعلى المدى القصير، يعني ذلك أن مصر التي شكلها مبارك كما يريد ستستمر وتبقى، حيث تستخدم الأدوات الأمنية الممولة من المساعدات الخارجية لتحجيم وإطفاء المعارضة بعيدا عن القانون، وحيث تُقاد موارد الدولة الطبيعية إلى من يسيئ استغلاها.
أما على المدى الطويل فان هذا يعني عدم اليقين. ففي الأمس خرج مسؤول بارز في جماعة الإخوان المسلمين ليقول إن الحكومة تحطم أي أمل لدى الشعب باحداث تغيير بالطرق السلمية".
وتتجه كل العيون إلى واشنطن، حيث بدأت الخارجية الأمريكية العزف لمبارك على وتر المليار و300 مليون دولار سنويا.
وكما استنتج حميد فان إصرار النظام المصري على عدم الاستعداد لوجود معارضة في الإنتخابات الرئاسية تضع إدارة أوباما في وضع صعب، خاصة مع اتجاه عدد من دول المنطقة مثل الأردن والمغرب والبحرين في الإتجاه المعاكس، حيث يعملون على خلق أشكالاً أكثر براعة وتهذباً لنظام الحكم المتسلط.
وبدون ارتكاب أية أخطاء، فانه ليس هناك رغبة لدى حلفاء مصر الغربيين في وجود ديمقراطية حقيقية في مصر، ولكي تستطيع فهم لأي مدى يؤيد "المجتمع الدولي" قمع أي معارض من شأنه التأثير على قبضة مبارك، ما عليك سوى التحدث لأحد ضحايا التعذيب في أقسام الشرطة في الاسكندرية، حيث يتعرض أولئك لضربات معذبيهم بينما تكبل أيديهم بالأصفاد الأمريكية.
ولكن مثل تلك الممارسات ذات الصوت المرتفع والعنيدة تمثل مشكلة بالنسبة لمؤيدوا الدكتاتور، كما أن من شانها أن تزيل القشور التي تغطي المظهر الحقيقي كما يمكنها أن تسبب في ظهور مشاكل مستقبلية لا يمكن تصورها.
ويعتقد حميد أن نتائج مسرحية الأحد ستجبر دوائر السياسة الغربية على فتح نقاش عن مدى جدوى البقاء بالقرب من مبارك. يقول حميد "بدء دق نواقيس الخطر، وستجبر نتائج الإنتخابات نقاش ما على الظهور بغض النظر عن النتائج التي ستفرزها تلك النقاشات".
ولكن القصة الحقيقية للتحول السياسي في مصر يجب كتابتها في مكان آخر، بعيداً عن دهاليز الدبلوماسية الغربية، وبعيدا عن تلك النخبة التي لا تهتم إلا ببقاءها ومصالحها والتي سيطرت على مصر على مدى جيل كامل. لقد تم رفع الستار، ولم تبدأ الدراما إلا الآن.
Blogger Comment:
The world is governed by a wealthy families and dynasties. Democracy is good when wars are waged for oil and geopolitical interests and dictatorship is great when it achieves the goals of the empires. Obama is another emperor work for the rich and corrupt. A change we were waiting for, ask Ralph Nader he will tell you what it is all about. The silent about in justices is a silent devil. They stole my passport from my own apartment so I do not go in the middle east and stand against the tyrants. A kind of democracy and love in liberty of Obama Al Muntazer. Who will help the Arab and Muslims but give him time so he can finish Jihadists first. Take a notice he is not Muslim and his father was not a Muslim. For Muslims do not deceive yourself they will give you false hope so you shout up and wait for false hopes that will never materialize. The only way to our freedom is Jihad against our tyrants they stayed in power by force and they will be only eliminated by force.
Sunday, December 12, 2010
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment