تقرير: نقل مسئولية الأمن والمعلومات في سيناء من الاستخبارات العسكرية للشاباك
كشف محلل الشئون المخابراتية والإستراتيجية في تقرير نشره في صحيفة "سوف شافوع" الصهيونية، يوسى ميلمان، كشف النقاب عن أن جهاز الأمن العام (الشاباك) أسس مؤخرا وحدة خاصة باسم (وحدة سيناء)، يقودها عميد، وتعمل في إطار المنطقة الجنوبية للشاباك، مشددا على أن نشاطها في شبه جزيرة سيناء بهدف إحباط العمليات التي وصفها بالإرهابية.
وساق المحلل، صاحب الباع الطويل في الأجهزة الأمنية بالدولة العبرية، قائلاً إن إنشاء هذه الوحدة بأنه إجراء إستراتيجي للأمن القومي الالكيان الصهيونىي، ويجسد المخاطر المتزايدة من هجمات إرهابية تشن ضد الكيان الصهيونى انطلاقًا من سيناء، فبعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسى على يد تحالف من الليبراليين والعلمانيين وجنرالات الجيش ازدادت المخاوف داخل (الشاباك) من أن تتحول سيناء إلى جبهة حرب جديدة للكيان الصهيونى، على حد تعبيره.
علاوة على ذلك، أوضح المحلل الصهيوني أن شبه جزيرة سيناء كانت هدفا لشعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال الصهيوني (أمان) بعد توقيع معاهدة السلام، وعودة سيناء إلى مصر، بموجب اتفاق (كامب ديفيد)، مشيرا إلى أن أمان اختصت في تجنيد عملاء للكيان الصهيونى من الدول المجاورة مثل مصر والأردن ولبنان وسورية، وهذا الوضع استمر حتى قبل عدة أعوام، حين انتقلت المسئولية للشاباك الصهيوني، وأضاف أنه على الرغم من إبرام معاهدة السلام، والتعاون المخابراتى المثمر بين مصر والكيان الصهيونى في عصر الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فإن مصر وجيشها، الذي بقى أكبر وأقوى الجيوش العربية، بقيا هدفًا للمخابرات الصهيونية، على حد قوله.
وقال د. رؤفين باز، الباحث المختص في الحركات الإسلامية في المركز المتعدد المجالات بمدينة هرتسليا، شمال تل أبيب، للصحيفة إن الجماعات التي تتبنى ما أسماه بالعنف في سيناء تنقسم إلى ثلاث، تضم أولاها التنظيمات المعارضة للحكم المركزي لأسباب مختلفة، ومنها عصابات مسلحة تنشط في تهريب المخدرات أو السلاح، وهذه مجموعات دوافعها اقتصادية، ولا تستهدف الكيان الصهيونى.
وتضم المجموعة الثانية، بحسب د. باز منظمات ذات توجهات أيديولوجية تعتبر الدولة العبرية هدفًا رئيسيًا لعملياتها، وتشمل مجموعات أو أفرادا انشقوا عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي لاعتقادهم أنها لا تتعامل بالشدة المطلوبة مع الكيان الصهيونى، أما المجموعة الأخيرة فتضم منظمات تتبنى أيديولوجية جهادية، بينها جماعة التوحيد والجهاد، على حد وصفه، وهي تستلهم أفكارها ومعتقداتها من الداعية الإسلامي الأردني، وهو من أصل فلسطيني، محمد المقدسي، والذي يُسجن كثيرا في المملكة الهاشمية، وكان من أشهر تلاميذه أبو مصعب الزرقاوي، الذي أقام تنظيم القاعدة في العراق، وتمت تصفيته في العام 2006 من قبل الجيش الأمريكي.
ورأى د. باز أن شبه جزيرة سيناء لا تزال تحت سيطرة الجيش المصري، وأن جميع المنظمات الإرهابية تتعرض لضغط ثلاثي من الكيان الصهيونى وحماس ومصر، لكن المشكلة يمكن أن تظهر إذا ضعف النظام الحاكم في مصر، حيث ستصبح سيناء قوة جاذبة للجماعات الجهادية.
وحذر المحلل، نقلاً عن مصادر أمنية رفيعة في تل أبيب، من أنْ تتحول سيناء إلى منطقة أطلق عليها بالإنجليزية No Man’s Land، أي إلى منطقة فوضى بدون سيادة عليها.
وأضاف ميلمان قائلاً إن القرار الصهيوني بنقل المسئولية من أمان إلى الشاباك جاء لأسباب مختلفة، فمع توقيع اتفاقية السلام بين تل أبيب والقاهرة، وبسبب التنسيق الأمني الممتاز بين الدولتين والذي يُدار من قبل الطاقم الأمني والسياسي في وزارة الأمن بقيادة الجنرال المتقاعد عاموس غلعاد، فقد فهمت الكيان الصهيونى أنه يتحتم عليها أنْ تقوم بالعمليات المخابراتية بشكل حذر وحساس، لافتًا إلى أنه من الصحيح القول والفصل أيضا إن مصر لم تتحول إلى دولة صديقة، ولكن بالمقابل فإن مصر توقفت عن أنْ تكون دولة مواجهة، على حد تعبيره، وشدد أيضًا على أن التعاون الأمني والمخابراتي بين الكيان الصهيونى ومصر في عهد الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك، كان مثمرًا جدًا، وله تداعيات إستراتيجية مهمة جدًا للأمن القومي للكيان الصهيوني، ومع ذلك، نقل المحلل عن المصادر عينها قولها، إن الجيش المصري، وهو أكبر الجيوش العربية ومصر نفسها، بقيا بعد معاهدة السلام هدفًا لأجهزة المخابرات في الكيان الصهيونى، وأن عملية جمع المعلومات من قبل الكيان الصهيونى تواصل.
علاوة على ذلك، أشار ميلمان إلى أنه على الرغم من العلاقات المركبة بين الدولتين، فقد بقي اتفاق السلام بينهما على حاله، مثل حرب لبنان الأولى عام 1982، الانتفاضة الأولى والثانية، حرب لبنان الثانية في صيف العام 2006، وقيام جيش الاحتلال بتنفيذ عدوانيين ضد قطاع غزة في العام 2009 وفي العام 2012، ناهيك عن قيام سلاح الجو الصهيوني بمهاجمة وتدمير المفاعل النووي العراقي في حزيران (يونيو) من العام 1981.
وقال إن مرد ذلك يعود إلى أن الدولتين أرادتا الحفاظ على مصالحهما القومية والأمنية على حدٍ سواء، بالإضافة إلى العلاقات الشخصية بين مبارك وبين عدد من الساسة الصهيونيين، وفي مقدمتهم وزير الأمن الصهيوني الأسبق، بنيامين بن إليعازر وقادة الأجهزة الأمنية المصرية، والعلاقات الحميمية جدا التي ميزت العلاقة الشخصية بين مدير المخابرات المصرية في ذلك الحين، الجنرال عمر سليمان، مع رؤساء الموساد الصهيوني، شفطاي شافيط، داني ياتوم، إفراييم هاليفي ومئير داغان.
وخلص المحللل إلى القول إنه على الرغم من أن الأهداف الرئيسية للتنظيمات الجهادية في سيناء هي تنفيذ عمليات ضد النظام المصري، إلا أن هذه الجماعات تمكنت من تنفيذ أعمال عسكرية ضد أهداف الكيان الصهيونى.
وقال د. باز إن المشكلة الرئيسية التي من الممكن أنْ يواجهها الكيان الصهيونى تكمن في انهيار النظام المصري، وعند ذلك ستتحول سيناء إلى منطقة جذابة للغاية لجميع التنظيمات الجهادية في العالم، وعندها سيقف الكيان الصهيونى أمام مشكلة عويصة، ولكن ما زالت حتى الآن بعيدة، على حد قوله.
No comments:
Post a Comment