مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى للقادة الصهاينة: قدموا كافة أشكال الدعم لحكم العسكر فى مصر كى لا يعود الإسلاميون
كتب: محمد جمال عرفة
>> عمّقوا التعاون مع الحكم الانقلابى الجديد الذى يقوده صفوة من العلمانيين والمحسوبين على النظام السابق واتصلوا بالقوى الليبرالية والعلمانية!!
>> افتحوا حوارات صهيونية مع الشباب المصرى الليبرالى والعلمانى وقدموا الدعم لحكومة الببلاوى العلمانية
>>التقرير الصهيونى أوصى بدعم دول الخليج للانقلاب فحدث.. وأوصى بإعادة إحياء (محور الاعتدال) ضد المقاومة الإسلامية فبدأ "المعتدلون العرب" وأولهم ملك الأردن التوافد على القاهرة لتدشين المحور الجديد القديم!!
كثيرون شككوا فى رهان الدولة الصهيونية على الانقلاب على الرئيس المصرى المنتخب محمد مرسى ولم يفهموا سر التحريض الصهيونى عليه، ولا سر إرسال نتنياهو لرئيس جهاز الأمن القومى الصهيونى خصيصا إلى الكونجرس الأمريكى لترتيب عملية "شيطنة مرسى” و"نزع الشرعية عنه"، والتى كانت كلها خطة متكاملة مع شياطين الداخل فى مصر من مفسدى الدولة العميقة على اختلاف أشكالها للقيام بهذا الانقلاب العسكرى مع تغطيته برداء علمانى مدنى يوحى بأن ما حدث هو ثورة ثانية، ولكن لو اطلع هؤلاء المشككين على ما جاء فى التوصيات التى رفعها (مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى) لدوائر صنع القرار فى تل أبيب، فربما يدركون حقيقة ما جرى.
فهذه التوصيات التى وردت فى هذا التقرير بعد الانقلاب بأسبوع (11 يوليه 2013) تحت عنوانThe Revolution in Egypt Recommendations for Israel بتاريخ تراوحت بين ضرورة التجنيد من أجل توفير كل أشكال الدعم لحكم العسكر فى مصر وترسيخه كى لا يعود الإسلاميون للواجهة مرة أخرى فيهددوا أمن إسرائيل، وبين تعميق التعاون مع الحكم الانقلابى الجديد الذى يقوده صفوة من العلمانيين والمحسوبين على النظام السابق حسبما ظهر فى حكومة حازم الببلاوى، علاوة على توصية تتعلق بإمكانية تسلل إسرائيل لإجراء حوار مع قوى الثورة المصرية "الليبرالية والمدنية"!
"الإخوان" قلصوا العلاقات ولكن علاقتنا بالجيش استمرت
التقرير الإسرائيلى قال بوضوح إنه منذ بداية الانتفاضة فى العالم العربى، وشاهدت تل أبيب بقلق الميل الثورى وتغيير الحكم والصراعات الداخلية التى نشأت فى دول الشرق الأوسط، حرص الصهاينة على عدم التدخل الصريح فى المجريات، ولكنهم حرصوا بالمقابل على الاستمرار فى تعزيز "العلاقات الخاصة" مع الجيش المصرى التى تشكل عنصرا مركزيا ومرساة فى الحفاظ على علاقات السلام بين الدولتين، بحسب قول التقرير.
واعترف بأن "حكومة الإخوان المسلمين امتنعت عن كل علاقة سياسية علنية مباشرة بين الدولتين، ولكنها لم تحاول المسّ بالعلاقات الرسمية لأن مصلحة الطرفين كانت ولا تزال منع كل تصعيد وتدهور عسكرى ينطوى على خطر المواجهة العسكرية المباشرة"، وهو ما جعل مصر تلعب دورا فى التوسط فى إنهاء جولة القتال التى نشبت بين إسرائيل وحماس فى نوفمبر 2012 فى ما كان يعرف بحملة عمود السحاب.
ترسيخ حكم الإخوان هو الخطر الأكبر
تقرير "أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى” أشار لمسألة مهمة يستغلها خصوم الإخوان وهى أن اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر ظل على قيد الحياة فى ظل النظام الإسلامى رغم أنه يرفض مبدئيا حق الوجود لدولة إسرائيل، ولكنه يوضح أن الخطورة التى كانت تخشاها الدولة الصهيونية هى أن يترسخ هذا النظام فى مصر ويقل اعتمادها على المساعدة الاقتصادية الغربية، لأن هذا كان معناه أن "يندلع العداء الأيديولوجى العميق من الإخوان المسلمين تجاه إسرائيل وتُقوض أساس المصالح الأمنية والسياسية المشتركة بين الدولتين".
ومن هنا أهمية ما حدث فى يوليه 2013 –حسبما يؤكد التقرير– حيث أزال احتمالية ترسيخ حكم الإخوان ومن ثم قلص المخاطر التى كانت تتوقعها تل أبيب من ناحية مصر؛ حيث يؤكد التقرير: "قَلَص اهتزاز حكم الإخوان المسلمين فى مصر، فى أعقاب الثورة التى وقعت فى يوليو 2013، بدعم وقيادة الجيش المصرى، احتمال التحقق القريب لهذا السيناريو".
ومع هذا فهم لم يُخفوا مخاوفهم من تصاعد القتال فى سيناء مع انشغال الجيش فى الأوضاع الداخلية فى مصر، ويتوقعون تعاظم "العمليات الإرهابية المتعاظمة للجماعات الجهادية والسلفية فى منطقة سيناء، التى ستحاول تحدى الحكم فى القاهرة، من خلال الضرب المباشر لممثليها، أو بشكل غير مباشر من خلال استفزاز إسرائيل، أن تضعف الأمن فى سيناء وتنتقل إلى الأراضى الإسرائيلية".
ويرون أن "النتيجة المحتملة للتصعيد فى هذه الساحة هو الضرر اللاحق بالعلاقات الخاصة بين المؤسسات العسكرية المصرية والإسرائيلية. وتلوح إمكانية أن يكون هذا هو التهديد الأكثر أهمية فى جبهة الجنوب فى الأشهر القريبة القادمة"، ومن هنا يجب على القيادة الصهيونية أن تستفيد من الوضع الجديد، وهو ما دعا المركز الصهيونى لوضع عدة توصيات.
توصيات للدولة الصهيونية
الهدف الاستراتيجى الإسرائيلى –بحسب التقرير- هو الحفاظ على علاقات السلام مع مصر، بل وتعميقها. و"مصلحة إسرائيل الخاصة فى تثبيت حكم علمانى وليبرالى مسئول ويؤدى وظائفه بكفاءة فى مصر كلها وفى منطقة سيناء".
ولهذا فهم يرون أن إسرائيل مطالبة بالعمل على عدة مستويات من أجل تحقيق هذه الأهداف على النحو التالى:
الهدف الأول: تعمق التعاون مع الجيش المصرى
فإسرائيل مطالبة –وفق التقرير- بأن تعمق التعاون مع الجيش المصرى ومواصلة السماح له باستخدام القوات فى سيناء، بحجم يخرج عما تمليه إطار الملحق الخاص باتفاق السلام ضد الشبكات الجهادية وشبكات تهريب الوسائل القتالية إلى قطاع غزة. وقد استجابت إسرائيل إلى طلبات مصرية باستخدام قوات ووسائل تتجاوز قيود ملحق اتفاق السلام، ويجب الاستمرار فى ذلك.
وهنا نشير إلى تصريحات صهيونية بتعليق اتفاقية كامب ديفيد بما يسمح بنشر قوات ومعدات إضافية للجيش المصرى ونشر أنباء عن السماح بدخول كتيبتين مصريتين إلى رفح والعريش والسماح بتحليق مروحيات وصلت إلى التحليق فوق قطاع غزة، وهو تعاون ما لم يحدث حتى فى عهد مبارك!!.
ولأن السلطة الجديدة الانقلابية توجه معارضة شرسة من الإسلاميين، ينصح مركز أبحاث الأمن القومى الصهيونية قادة تل أبيب بـ"مواصلة المساعدة الأمريكية الأمنية للجيش المصرى وتوسيع المساعدة المدنية لمصر من جانب الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية والمبادرة الدولية لتطوير البنى التحتية التى تحتاجها مصر كالهواء للتنفس"، ونلاحظ هنا أن مناقشات الكونجرس الأخيرة حول قطع المعونات العسكرية عن مصر باعتبار أن ما حدث انقلاب عسكرى يتعارض مع قوانين إقرار المعونة، جرى التحايل عليها بضغوط صهيونية وعبر اللوبى الصهيونى فى الكونجرس لصالح الجيش المصرى.
الهدف الثانى: دعم حكومة الانقلاب ماليا
هنا يقول التقرير أنه "يمكن للاعبين الإقليميين، الذين انطلاقا من تخوفهم على حكمهم، سعوا لإفشال وإسقاط حكم الإخوان المسلمين فى مصر، وعلى رأسهم السعودية والأردن وإمارات الخليج أن يساعدوا فى استقرار مصر ودعم تصدى الحكم للتحديات القاسية فى الداخل، وبالأساس فى النواحى الاقتصادية. ولإسرائيل تأثير محدود فى هذا المجال، ولكن يمكنها أن تحاول إقامة قنوات تنسيق سرية مع تلك الدول. فضلا عن ذلك، فإن استئناف المسيرة السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين حتى على نطاق جزئى، يمكنه أيضا أن يدفع إلى الإمام بتنسيق إقليمى واسع ليس فقط فى المساعى لاستقرار مصر، بل وأيضا فى المساعى لبلورة جبهة إقليمية ضد المحور الراديكالى، بقيادة إيران".
وسوف نلحظ هنا أن كل هذه التوصيات الصهيونية تحققت.. فدول الخليج بدأت إرسال معونات مالية عاجلة لمصر بعد الانقلاب، كما أن جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى جاء مسرعا للمنطقة ليرتب استئناف المفاوضات بين إسرائيل وحكومة عباس متجاهلا استمرار الاستيطان الصهيونى، كما أنه بدأ العمل السريع لإعادة إحياء (محور الاعتدال) الذى كان يقوده مبارك مع حكومات الخليج والأردن، وليس من باب المصادفة أن نجد أول رئيس عربى يزور مصر بعد الانقلاب هو ملك الأردن أحد أضلاع هذا المحور!!
الهدف الثالث: حوار صهيونى مع الشباب المصرى الليبرالى والعلمانى
هنا يثير التقرير مسألة خطيرة تتعلق بضرورة فتح القيادة الصهيونية حوارا مع من أسماهم (الشباب الليبرالى والعلمانى الذى أثر جدا فى الإطاحة بالرئيسين مبارك ومرسى)، بعدما ظهر "النفوذ المتعاظم لقوى مدنية فى مصر" بهدف أن تحاول إسرائيل التى لديها "قدرة تأثير محدودة على الساحة السياسية فى مصر" أن تعظم من هذا النفوذ وتزيد التطبيع مع الشباب المصرى كما كان يحدث عقب كامب ديفيد فى السبعينيات والثمانينيات!!.
ويحدد تقرير الأمن القومى الصهيونى المطلوب هنا بـ"أن تحاول إقامة قنوات حوار مع الجهات التى تقود الثورة فى ظل الحرص على الامتناع عن استفزاز الجيش المصرى وهكذا يمكن لإسرائيل أن تحاول إسداء المشورة لتلك المحافل المدنية (التيارات الليبرالية والعلمانية) فى مواضيع الاقتصاد والإدارة، ويمكن لهذه المحافل أن تستعين بإسرائيل وبعلاقاتها لتشجيع الاستثمارات فى مصر"!؟.
الهدف الرابع: تطبيق تجربة تمرد ضد حماس
ولأن إحدى الجهات التى تضررت بالشكل الأكبر من سقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر هى حماس، التى فقدت سندها الأيديولوجى والسياسى الاساسى. وكذلك، استمرارا لفقدان معقلها فى دمشق وضعفت علاقاتها مع حزب الله وحدثت بينها وبين النظام الإيرانى قطيعة عقب توثيق العلاقات مع حكم الإخوان المسلمين فى مصر وإخراج القيادة السياسية للمنظمة من قطر، كما أنها تعتبر –بحسب التقرير الصهيونى- فى نظر الشباب المصريين، الذين قادوا الثورة، متعاونة مع الحكم الذى تم إسقاطه ومنفذة لأعمال العنف التى أضرت بالمجتمع والجيش المصرى، وبالتوازى تعانى حماس من انتقاد متعاظم من جانب الشارع فى قطاع غزة.. نظرا لكل هذا ينصح التقرير الاستراتيجى الصهيونى بتطبيق مؤامرة تمرد فى غزة ضد حماس ودعمها كما تم دعم التمرد فى مصر، وينوه لأن حصار مصر الحالى لغزة سيفيد فى تشجيع التمرد ضد الحركة!.
حيث يقول: "لاقت مبادرات لتوقيع السكان فى القطاع على عريضة تمرد ضد قيادة حماس، وفق النموذج المصرى لحركة "تمرد" استجابة واضحة. فضلا عن ذلك، فان تصميم الجيش المصرى للتضييق على خطى المنظمة وقدرتها على إحداث تصعيد أمنى، يجد طريقه ضمن أمور أخرى من المصاعب التى تواجهها امام تهريب البضائع، ولا سيما المدعومة، من مصر إلى القطاع. وسيجعل تقليص حجم التهريب من الصعب على حماس الحفاظ على مستوى دخلها وبالتالى ستجد صعوبة فى احتواء الاحتجاجات ضد حكمها. وهكذا ستظهر مصاعب فى وجه إدخال الوسائل القتالية إلى القطاع، ولا سيما الصواريخ والمقذوفات الصاروخية المحسنة."
أما الهدف فهو تركيع حماس وتدجينها أو بلغة التقرير الصهيونى: "تشجع أوساط فى قيادة حماس على الاستعداد للمضى قدما فى المصالحة مع السلطة الفلسطينية، أى الاستعداد لتنفيذ المطالب التى طرحها الرئيس محمود عباس على المنظمة كشرط للانخراط فى السلطة".
ولكن الصهاينة يعترفون بأن حماس –مثلها مثل إخوان مصر الذين لم يستسلموا للحكم العسكرى– سوف يصعّدون من وتيرة المقاومة هم والجماعات الجهادية فى سيناء، ولتلافى هذا يقترحون بعض الرشاوى فى صورة "محاولة تلطيف حدة الدافعية للعنف فى صفوف حماس وباقى الفصائل المتطرفة العاملة فى القطاع، بانتهاج إسرائيل سياسة توسيع نشاط المعابر إلى القطاع وأذون الصيد، بل والتفاهمات فى ما يتعلق بإنتاج الغاز الطبيعى”.
الهدف الخامس: ضرب الإسلاميين فى العالم العربى
هنا يحاول التقرير أن يستفيد مما يسميه سقوط حكم الإخوان فى مصر لضرب حكم باقى الإخوان والإسلاميين فى العالم العربى والاستفادة من هذا بقوله: "ينبغى تقويم إسقاط الإخوان المسلمين فى مصر فى السياق الواسع للميول الإقليمية الانتفاضة فى الشرق الأوسط. حتى وقت قليل مضى ساد الإحساس بأن الإسلام السياسى هو "المنتصر الأكبر"، ولكن سقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر قد بدد معه مفعول شعارات مثل ‘الإسلام هو الحل، وكذا الدليل القاطع على أن الإسلام السياسى سيجد صعوبة، مثل كل حكم آخر، فى التصدى للتحديات المعقدة من الداخل ومن الخارج، وستكون لكل هذا آثار بعيدة المدى على عموم عناصر الإخوان المسلمين فى المنطقة. فى الأردن من المتوقع أن يتقلص نفوذ حركة المعارضة من الإخوان المسلمين وتحسين قدرة تصدر الأسرة الحاكمة الهاشمية للحركة. ويحتمل أن يميل ميزان القوى فى المعارضة السورية، التى تقاتل ضد حكم الأسد، إلى جانب القوى الليبرالية – العلمانية، على حساب المحافل الإسلامية".
ويؤكد: "ستكون الميول (العلمانية) فى هذه الاتجاهات مريحة لإسرائيل، مع توقع ألا تتخلى حركة الإخوان المسلمين بسهولة عن الفرصة التاريخية التى تسنت لها للحكم فى مصر، فى ضوء وزنها ومكانتها فى العالم العربى والإسلامى، وبالتالى من المتوقع صراع داخلى طويل فى مصر.
ويختم التقرير بنصيحة للقادة الصهاينة ألا يفرحوا كثيرا ويظهرون هذا الفرح قبل حسم المواجهة لأن "تأثير الشارع سيعبر عن نفسه أيضا فى نتائج الانتخابات للرئاسة والبرلمان" وعليه فان على إسرائيل أن تتصرف بتواضع، وتمتنع عن تصريحات ضارة وأن تبقى فى يدها مجال المناورة، فى مواجهة واقع سياسى متقلب فى مصر.
>> افتحوا حوارات صهيونية مع الشباب المصرى الليبرالى والعلمانى وقدموا الدعم لحكومة الببلاوى العلمانية
>>التقرير الصهيونى أوصى بدعم دول الخليج للانقلاب فحدث.. وأوصى بإعادة إحياء (محور الاعتدال) ضد المقاومة الإسلامية فبدأ "المعتدلون العرب" وأولهم ملك الأردن التوافد على القاهرة لتدشين المحور الجديد القديم!!
كثيرون شككوا فى رهان الدولة الصهيونية على الانقلاب على الرئيس المصرى المنتخب محمد مرسى ولم يفهموا سر التحريض الصهيونى عليه، ولا سر إرسال نتنياهو لرئيس جهاز الأمن القومى الصهيونى خصيصا إلى الكونجرس الأمريكى لترتيب عملية "شيطنة مرسى” و"نزع الشرعية عنه"، والتى كانت كلها خطة متكاملة مع شياطين الداخل فى مصر من مفسدى الدولة العميقة على اختلاف أشكالها للقيام بهذا الانقلاب العسكرى مع تغطيته برداء علمانى مدنى يوحى بأن ما حدث هو ثورة ثانية، ولكن لو اطلع هؤلاء المشككين على ما جاء فى التوصيات التى رفعها (مركز أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى) لدوائر صنع القرار فى تل أبيب، فربما يدركون حقيقة ما جرى.
فهذه التوصيات التى وردت فى هذا التقرير بعد الانقلاب بأسبوع (11 يوليه 2013) تحت عنوانThe Revolution in Egypt Recommendations for Israel بتاريخ تراوحت بين ضرورة التجنيد من أجل توفير كل أشكال الدعم لحكم العسكر فى مصر وترسيخه كى لا يعود الإسلاميون للواجهة مرة أخرى فيهددوا أمن إسرائيل، وبين تعميق التعاون مع الحكم الانقلابى الجديد الذى يقوده صفوة من العلمانيين والمحسوبين على النظام السابق حسبما ظهر فى حكومة حازم الببلاوى، علاوة على توصية تتعلق بإمكانية تسلل إسرائيل لإجراء حوار مع قوى الثورة المصرية "الليبرالية والمدنية"!
"الإخوان" قلصوا العلاقات ولكن علاقتنا بالجيش استمرت
التقرير الإسرائيلى قال بوضوح إنه منذ بداية الانتفاضة فى العالم العربى، وشاهدت تل أبيب بقلق الميل الثورى وتغيير الحكم والصراعات الداخلية التى نشأت فى دول الشرق الأوسط، حرص الصهاينة على عدم التدخل الصريح فى المجريات، ولكنهم حرصوا بالمقابل على الاستمرار فى تعزيز "العلاقات الخاصة" مع الجيش المصرى التى تشكل عنصرا مركزيا ومرساة فى الحفاظ على علاقات السلام بين الدولتين، بحسب قول التقرير.
واعترف بأن "حكومة الإخوان المسلمين امتنعت عن كل علاقة سياسية علنية مباشرة بين الدولتين، ولكنها لم تحاول المسّ بالعلاقات الرسمية لأن مصلحة الطرفين كانت ولا تزال منع كل تصعيد وتدهور عسكرى ينطوى على خطر المواجهة العسكرية المباشرة"، وهو ما جعل مصر تلعب دورا فى التوسط فى إنهاء جولة القتال التى نشبت بين إسرائيل وحماس فى نوفمبر 2012 فى ما كان يعرف بحملة عمود السحاب.
ترسيخ حكم الإخوان هو الخطر الأكبر
تقرير "أبحاث الأمن القومى الإسرائيلى” أشار لمسألة مهمة يستغلها خصوم الإخوان وهى أن اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر ظل على قيد الحياة فى ظل النظام الإسلامى رغم أنه يرفض مبدئيا حق الوجود لدولة إسرائيل، ولكنه يوضح أن الخطورة التى كانت تخشاها الدولة الصهيونية هى أن يترسخ هذا النظام فى مصر ويقل اعتمادها على المساعدة الاقتصادية الغربية، لأن هذا كان معناه أن "يندلع العداء الأيديولوجى العميق من الإخوان المسلمين تجاه إسرائيل وتُقوض أساس المصالح الأمنية والسياسية المشتركة بين الدولتين".
ومن هنا أهمية ما حدث فى يوليه 2013 –حسبما يؤكد التقرير– حيث أزال احتمالية ترسيخ حكم الإخوان ومن ثم قلص المخاطر التى كانت تتوقعها تل أبيب من ناحية مصر؛ حيث يؤكد التقرير: "قَلَص اهتزاز حكم الإخوان المسلمين فى مصر، فى أعقاب الثورة التى وقعت فى يوليو 2013، بدعم وقيادة الجيش المصرى، احتمال التحقق القريب لهذا السيناريو".
ومع هذا فهم لم يُخفوا مخاوفهم من تصاعد القتال فى سيناء مع انشغال الجيش فى الأوضاع الداخلية فى مصر، ويتوقعون تعاظم "العمليات الإرهابية المتعاظمة للجماعات الجهادية والسلفية فى منطقة سيناء، التى ستحاول تحدى الحكم فى القاهرة، من خلال الضرب المباشر لممثليها، أو بشكل غير مباشر من خلال استفزاز إسرائيل، أن تضعف الأمن فى سيناء وتنتقل إلى الأراضى الإسرائيلية".
ويرون أن "النتيجة المحتملة للتصعيد فى هذه الساحة هو الضرر اللاحق بالعلاقات الخاصة بين المؤسسات العسكرية المصرية والإسرائيلية. وتلوح إمكانية أن يكون هذا هو التهديد الأكثر أهمية فى جبهة الجنوب فى الأشهر القريبة القادمة"، ومن هنا يجب على القيادة الصهيونية أن تستفيد من الوضع الجديد، وهو ما دعا المركز الصهيونى لوضع عدة توصيات.
توصيات للدولة الصهيونية
الهدف الاستراتيجى الإسرائيلى –بحسب التقرير- هو الحفاظ على علاقات السلام مع مصر، بل وتعميقها. و"مصلحة إسرائيل الخاصة فى تثبيت حكم علمانى وليبرالى مسئول ويؤدى وظائفه بكفاءة فى مصر كلها وفى منطقة سيناء".
ولهذا فهم يرون أن إسرائيل مطالبة بالعمل على عدة مستويات من أجل تحقيق هذه الأهداف على النحو التالى:
الهدف الأول: تعمق التعاون مع الجيش المصرى
فإسرائيل مطالبة –وفق التقرير- بأن تعمق التعاون مع الجيش المصرى ومواصلة السماح له باستخدام القوات فى سيناء، بحجم يخرج عما تمليه إطار الملحق الخاص باتفاق السلام ضد الشبكات الجهادية وشبكات تهريب الوسائل القتالية إلى قطاع غزة. وقد استجابت إسرائيل إلى طلبات مصرية باستخدام قوات ووسائل تتجاوز قيود ملحق اتفاق السلام، ويجب الاستمرار فى ذلك.
وهنا نشير إلى تصريحات صهيونية بتعليق اتفاقية كامب ديفيد بما يسمح بنشر قوات ومعدات إضافية للجيش المصرى ونشر أنباء عن السماح بدخول كتيبتين مصريتين إلى رفح والعريش والسماح بتحليق مروحيات وصلت إلى التحليق فوق قطاع غزة، وهو تعاون ما لم يحدث حتى فى عهد مبارك!!.
ولأن السلطة الجديدة الانقلابية توجه معارضة شرسة من الإسلاميين، ينصح مركز أبحاث الأمن القومى الصهيونية قادة تل أبيب بـ"مواصلة المساعدة الأمريكية الأمنية للجيش المصرى وتوسيع المساعدة المدنية لمصر من جانب الدول الغربية والمؤسسات المالية الدولية والمبادرة الدولية لتطوير البنى التحتية التى تحتاجها مصر كالهواء للتنفس"، ونلاحظ هنا أن مناقشات الكونجرس الأخيرة حول قطع المعونات العسكرية عن مصر باعتبار أن ما حدث انقلاب عسكرى يتعارض مع قوانين إقرار المعونة، جرى التحايل عليها بضغوط صهيونية وعبر اللوبى الصهيونى فى الكونجرس لصالح الجيش المصرى.
الهدف الثانى: دعم حكومة الانقلاب ماليا
هنا يقول التقرير أنه "يمكن للاعبين الإقليميين، الذين انطلاقا من تخوفهم على حكمهم، سعوا لإفشال وإسقاط حكم الإخوان المسلمين فى مصر، وعلى رأسهم السعودية والأردن وإمارات الخليج أن يساعدوا فى استقرار مصر ودعم تصدى الحكم للتحديات القاسية فى الداخل، وبالأساس فى النواحى الاقتصادية. ولإسرائيل تأثير محدود فى هذا المجال، ولكن يمكنها أن تحاول إقامة قنوات تنسيق سرية مع تلك الدول. فضلا عن ذلك، فإن استئناف المسيرة السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين حتى على نطاق جزئى، يمكنه أيضا أن يدفع إلى الإمام بتنسيق إقليمى واسع ليس فقط فى المساعى لاستقرار مصر، بل وأيضا فى المساعى لبلورة جبهة إقليمية ضد المحور الراديكالى، بقيادة إيران".
وسوف نلحظ هنا أن كل هذه التوصيات الصهيونية تحققت.. فدول الخليج بدأت إرسال معونات مالية عاجلة لمصر بعد الانقلاب، كما أن جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى جاء مسرعا للمنطقة ليرتب استئناف المفاوضات بين إسرائيل وحكومة عباس متجاهلا استمرار الاستيطان الصهيونى، كما أنه بدأ العمل السريع لإعادة إحياء (محور الاعتدال) الذى كان يقوده مبارك مع حكومات الخليج والأردن، وليس من باب المصادفة أن نجد أول رئيس عربى يزور مصر بعد الانقلاب هو ملك الأردن أحد أضلاع هذا المحور!!
الهدف الثالث: حوار صهيونى مع الشباب المصرى الليبرالى والعلمانى
هنا يثير التقرير مسألة خطيرة تتعلق بضرورة فتح القيادة الصهيونية حوارا مع من أسماهم (الشباب الليبرالى والعلمانى الذى أثر جدا فى الإطاحة بالرئيسين مبارك ومرسى)، بعدما ظهر "النفوذ المتعاظم لقوى مدنية فى مصر" بهدف أن تحاول إسرائيل التى لديها "قدرة تأثير محدودة على الساحة السياسية فى مصر" أن تعظم من هذا النفوذ وتزيد التطبيع مع الشباب المصرى كما كان يحدث عقب كامب ديفيد فى السبعينيات والثمانينيات!!.
ويحدد تقرير الأمن القومى الصهيونى المطلوب هنا بـ"أن تحاول إقامة قنوات حوار مع الجهات التى تقود الثورة فى ظل الحرص على الامتناع عن استفزاز الجيش المصرى وهكذا يمكن لإسرائيل أن تحاول إسداء المشورة لتلك المحافل المدنية (التيارات الليبرالية والعلمانية) فى مواضيع الاقتصاد والإدارة، ويمكن لهذه المحافل أن تستعين بإسرائيل وبعلاقاتها لتشجيع الاستثمارات فى مصر"!؟.
الهدف الرابع: تطبيق تجربة تمرد ضد حماس
ولأن إحدى الجهات التى تضررت بالشكل الأكبر من سقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر هى حماس، التى فقدت سندها الأيديولوجى والسياسى الاساسى. وكذلك، استمرارا لفقدان معقلها فى دمشق وضعفت علاقاتها مع حزب الله وحدثت بينها وبين النظام الإيرانى قطيعة عقب توثيق العلاقات مع حكم الإخوان المسلمين فى مصر وإخراج القيادة السياسية للمنظمة من قطر، كما أنها تعتبر –بحسب التقرير الصهيونى- فى نظر الشباب المصريين، الذين قادوا الثورة، متعاونة مع الحكم الذى تم إسقاطه ومنفذة لأعمال العنف التى أضرت بالمجتمع والجيش المصرى، وبالتوازى تعانى حماس من انتقاد متعاظم من جانب الشارع فى قطاع غزة.. نظرا لكل هذا ينصح التقرير الاستراتيجى الصهيونى بتطبيق مؤامرة تمرد فى غزة ضد حماس ودعمها كما تم دعم التمرد فى مصر، وينوه لأن حصار مصر الحالى لغزة سيفيد فى تشجيع التمرد ضد الحركة!.
حيث يقول: "لاقت مبادرات لتوقيع السكان فى القطاع على عريضة تمرد ضد قيادة حماس، وفق النموذج المصرى لحركة "تمرد" استجابة واضحة. فضلا عن ذلك، فان تصميم الجيش المصرى للتضييق على خطى المنظمة وقدرتها على إحداث تصعيد أمنى، يجد طريقه ضمن أمور أخرى من المصاعب التى تواجهها امام تهريب البضائع، ولا سيما المدعومة، من مصر إلى القطاع. وسيجعل تقليص حجم التهريب من الصعب على حماس الحفاظ على مستوى دخلها وبالتالى ستجد صعوبة فى احتواء الاحتجاجات ضد حكمها. وهكذا ستظهر مصاعب فى وجه إدخال الوسائل القتالية إلى القطاع، ولا سيما الصواريخ والمقذوفات الصاروخية المحسنة."
أما الهدف فهو تركيع حماس وتدجينها أو بلغة التقرير الصهيونى: "تشجع أوساط فى قيادة حماس على الاستعداد للمضى قدما فى المصالحة مع السلطة الفلسطينية، أى الاستعداد لتنفيذ المطالب التى طرحها الرئيس محمود عباس على المنظمة كشرط للانخراط فى السلطة".
ولكن الصهاينة يعترفون بأن حماس –مثلها مثل إخوان مصر الذين لم يستسلموا للحكم العسكرى– سوف يصعّدون من وتيرة المقاومة هم والجماعات الجهادية فى سيناء، ولتلافى هذا يقترحون بعض الرشاوى فى صورة "محاولة تلطيف حدة الدافعية للعنف فى صفوف حماس وباقى الفصائل المتطرفة العاملة فى القطاع، بانتهاج إسرائيل سياسة توسيع نشاط المعابر إلى القطاع وأذون الصيد، بل والتفاهمات فى ما يتعلق بإنتاج الغاز الطبيعى”.
الهدف الخامس: ضرب الإسلاميين فى العالم العربى
هنا يحاول التقرير أن يستفيد مما يسميه سقوط حكم الإخوان فى مصر لضرب حكم باقى الإخوان والإسلاميين فى العالم العربى والاستفادة من هذا بقوله: "ينبغى تقويم إسقاط الإخوان المسلمين فى مصر فى السياق الواسع للميول الإقليمية الانتفاضة فى الشرق الأوسط. حتى وقت قليل مضى ساد الإحساس بأن الإسلام السياسى هو "المنتصر الأكبر"، ولكن سقوط حكم الإخوان المسلمين فى مصر قد بدد معه مفعول شعارات مثل ‘الإسلام هو الحل، وكذا الدليل القاطع على أن الإسلام السياسى سيجد صعوبة، مثل كل حكم آخر، فى التصدى للتحديات المعقدة من الداخل ومن الخارج، وستكون لكل هذا آثار بعيدة المدى على عموم عناصر الإخوان المسلمين فى المنطقة. فى الأردن من المتوقع أن يتقلص نفوذ حركة المعارضة من الإخوان المسلمين وتحسين قدرة تصدر الأسرة الحاكمة الهاشمية للحركة. ويحتمل أن يميل ميزان القوى فى المعارضة السورية، التى تقاتل ضد حكم الأسد، إلى جانب القوى الليبرالية – العلمانية، على حساب المحافل الإسلامية".
ويؤكد: "ستكون الميول (العلمانية) فى هذه الاتجاهات مريحة لإسرائيل، مع توقع ألا تتخلى حركة الإخوان المسلمين بسهولة عن الفرصة التاريخية التى تسنت لها للحكم فى مصر، فى ضوء وزنها ومكانتها فى العالم العربى والإسلامى، وبالتالى من المتوقع صراع داخلى طويل فى مصر.
ويختم التقرير بنصيحة للقادة الصهاينة ألا يفرحوا كثيرا ويظهرون هذا الفرح قبل حسم المواجهة لأن "تأثير الشارع سيعبر عن نفسه أيضا فى نتائج الانتخابات للرئاسة والبرلمان" وعليه فان على إسرائيل أن تتصرف بتواضع، وتمتنع عن تصريحات ضارة وأن تبقى فى يدها مجال المناورة، فى مواجهة واقع سياسى متقلب فى مصر.
أقرأ أيضاً:
التعليقات
الموقع غير مسئول قانونا عن التعليقات المنشورة
No comments:
Post a Comment