السياحة الإيرانية.. مخاطر ومحاذير
أواخر شهر مارس2013, نقطة تحول مهمة في السياسة المصرية حيال علاقاتها مع إيران, فلا شك أن العمل علي فتح ملفات ظلت موصدة لأكثر من ثلاثة عقود منذ قيام الثورة الإيرانية عام1979, يترك آثاره علي إمكانية التقارب المصري الإيراني.فعلي مدي الثلاثين عاما الماضية ظل التساؤل المطروح ما السبب وراء استمرار قطع العلاقات بين البلدين دون ان يقدم احد الطرفين مبررات لذلك؟ ومع قيام الثورة سرعان ما استأنفت المحاولات لعودة العلاقات ليعطي دلالة مبدئية لدي البعض بأن السبب وراء القطيعة ليس المصلحة الوطنية بقدر ما كانت العلاقات الشخصية هي الحاكمة لتوجهات السياسة الخارجية المصرية فيما قبل الثورة. واليوم تشهد علاقات البلدين مرحلة جديدة من التقارب كانت من أبرز دلالاتها الزيارات المتبادلة بين المسئولين من الطرفين وفي هذا السياق يمكن تسجيل ثلاث ملاحظات:
أولاها ـ من المهم تأكيد أن المرحلة الراهنة التي تمر بها مصر تستوجب فتح المزيد من العلاقات مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية لمساندتها في عثرتها لاستكمال مسيرتها النهضوية وبناء الدولة العصرية التي يحلم بها المواطنين كافة, شريطة ألا يكون ذلك علي حساب امنها القومي في مفهومه الشامل. كما يجب تأكيد ايماننا بدور السياحة وأهميتها في دعم الاقتصاد الوطني سواء بتوفير المزيد من العملات الصعبة أو بتوفير المزيد من فرص العمل.
الثانية ـ لا يعني القبول بأهمية السياحة ودورها, قبولنا بعمومية هذا الدور, فلا يمكن القبول بما يدعيه البعض من ان السياحة الإيرانية تمثل مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي تعويضا عن تراجع حجم السياحة, ولا يمكن النظر إلي قبول طهران بنقل السياح الإيرانيين عن طريق شركة مصر للطيران كاستثناء من القاعدة العامة في قيام الطيران المحلي للسوق السياحية, علي أنه أمر يدعم الاقتصاد الوطني؟ فصحيح انه قد يمثل دعما للطيران المصري إلا انه من المهم النظر في القضية بصورة, اجمالية تعكس المردود الاقتصادي ككل, فليس صحيحا ان ينظر الي العائد الاقتصادي من هذه الزيارات بصورة جزيئة وإنما الصحيح ان يتم النظر إليها في اطارها الكلي, وهو ما يتطلب الاجابة عن تساؤلات عدة تتعلق بالملاءمة المالية للسائح الايراني وانعكاسها علي حجم انفاقه.
الثالثة ـ يظل الخطر الكامن في السياحة الإيرانية متجسدا في بعديه الديني والسياسي, فلا يمكن ايضا القبول بالقياس الذي يقدمه البعض لجذب المزيد من السياحة الإيرانية بأنه لا تثار أي مشكلات بخصوص السياحة الإيرانية إلي مختلف دول الخليج العربي, حيث تقتصر علي الجانب السياحي الترفيهي بعيدا عن اي جوانب سياسية او دينية, فهو امر مرفوض من جانبين: الأول, أن السياحة الإيرانية في دول الخليج لا تحمل بعدا دينيا إلا في حالة أداء العبادة في الاراضي المقدسة بالمملكة العربية السعودية, بل حتي في هذه الحالة برز الخطر الايراني جليا كما حدث في الثمانينيات من القرن المنصرم, إلا انها تحمل بعدا سياسيا ظهر جليا في العامين الماضيين علي غرار ما حدث في الازمة البحرينية وكذلك, فيما شهدته المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وتأكد هذا البعد في السيطرة الإيرانية علي الاوضاع في العراق ما بعد الاحتلال الأمريكي له ومن قبله في سوريا, فضلا عن الدور الايراني في مساندة حزب الله اللبناني ليعضد هذا القول. وإذا ما انتقلنا للحديث عن المقاصد الإيرانية في مصر, نجد أننا إزاء البعدين معا: البعد الديني المتمثل فيما يتعلق عليه طبقا للعقيدة الشيعية العتبات المقدسة كما هو الحال في مسجد الحسين والسيدة زينب. ولا يكفي القول إن المصريين متدينون بما يجعل الخوف من السياحة الإيرانية ونشر الفكر الشيعي أمرا مبالغا فيه, لانه من المعلوم ان مداخل نشر هذا الفكر تعتمد علي خطاب ديني ينطلق من حب آل البيت وهو امر لا خلاف عليه بما يجعله أمرا مقبولا خاصة لدي البسطاء من المواطنين. أما البعد السياسي فيبرز في الحنين الذي يظهر بين الحين والاخر في طهران حول العودة الي الدولة الفاطمية في مصر, يدلل علي ذلك حرص الرئيس الايراني خلال زيارته الاولي الي مصر منذ اسابيع علي الوجود في الازهر الشريف ـ الذي كان المقصد من بنائه آنذاك ان يكون منارة للفكر الشيعي في المنطقة.
خلاصة القول أنه إذا كان صحيحا أن الحكومة المصرية تتحمل المسئولية في الارتقاء بمستويات معيشة المواطن المصري وحماية أمنه وصون حرياته وضمان استقرار الوطن, فإنه من الصحيح أيضا ان الحكومة تتحمل المسئولية في الحفاظ علي عقيدة المواطن وحمايتها من أي انحرافات يمكن ان تصيبها.
لمزيد من مقالات عماد المهدى
أولاها ـ من المهم تأكيد أن المرحلة الراهنة التي تمر بها مصر تستوجب فتح المزيد من العلاقات مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية لمساندتها في عثرتها لاستكمال مسيرتها النهضوية وبناء الدولة العصرية التي يحلم بها المواطنين كافة, شريطة ألا يكون ذلك علي حساب امنها القومي في مفهومه الشامل. كما يجب تأكيد ايماننا بدور السياحة وأهميتها في دعم الاقتصاد الوطني سواء بتوفير المزيد من العملات الصعبة أو بتوفير المزيد من فرص العمل.
الثانية ـ لا يعني القبول بأهمية السياحة ودورها, قبولنا بعمومية هذا الدور, فلا يمكن القبول بما يدعيه البعض من ان السياحة الإيرانية تمثل مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي تعويضا عن تراجع حجم السياحة, ولا يمكن النظر إلي قبول طهران بنقل السياح الإيرانيين عن طريق شركة مصر للطيران كاستثناء من القاعدة العامة في قيام الطيران المحلي للسوق السياحية, علي أنه أمر يدعم الاقتصاد الوطني؟ فصحيح انه قد يمثل دعما للطيران المصري إلا انه من المهم النظر في القضية بصورة, اجمالية تعكس المردود الاقتصادي ككل, فليس صحيحا ان ينظر الي العائد الاقتصادي من هذه الزيارات بصورة جزيئة وإنما الصحيح ان يتم النظر إليها في اطارها الكلي, وهو ما يتطلب الاجابة عن تساؤلات عدة تتعلق بالملاءمة المالية للسائح الايراني وانعكاسها علي حجم انفاقه.
الثالثة ـ يظل الخطر الكامن في السياحة الإيرانية متجسدا في بعديه الديني والسياسي, فلا يمكن ايضا القبول بالقياس الذي يقدمه البعض لجذب المزيد من السياحة الإيرانية بأنه لا تثار أي مشكلات بخصوص السياحة الإيرانية إلي مختلف دول الخليج العربي, حيث تقتصر علي الجانب السياحي الترفيهي بعيدا عن اي جوانب سياسية او دينية, فهو امر مرفوض من جانبين: الأول, أن السياحة الإيرانية في دول الخليج لا تحمل بعدا دينيا إلا في حالة أداء العبادة في الاراضي المقدسة بالمملكة العربية السعودية, بل حتي في هذه الحالة برز الخطر الايراني جليا كما حدث في الثمانينيات من القرن المنصرم, إلا انها تحمل بعدا سياسيا ظهر جليا في العامين الماضيين علي غرار ما حدث في الازمة البحرينية وكذلك, فيما شهدته المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية وتأكد هذا البعد في السيطرة الإيرانية علي الاوضاع في العراق ما بعد الاحتلال الأمريكي له ومن قبله في سوريا, فضلا عن الدور الايراني في مساندة حزب الله اللبناني ليعضد هذا القول. وإذا ما انتقلنا للحديث عن المقاصد الإيرانية في مصر, نجد أننا إزاء البعدين معا: البعد الديني المتمثل فيما يتعلق عليه طبقا للعقيدة الشيعية العتبات المقدسة كما هو الحال في مسجد الحسين والسيدة زينب. ولا يكفي القول إن المصريين متدينون بما يجعل الخوف من السياحة الإيرانية ونشر الفكر الشيعي أمرا مبالغا فيه, لانه من المعلوم ان مداخل نشر هذا الفكر تعتمد علي خطاب ديني ينطلق من حب آل البيت وهو امر لا خلاف عليه بما يجعله أمرا مقبولا خاصة لدي البسطاء من المواطنين. أما البعد السياسي فيبرز في الحنين الذي يظهر بين الحين والاخر في طهران حول العودة الي الدولة الفاطمية في مصر, يدلل علي ذلك حرص الرئيس الايراني خلال زيارته الاولي الي مصر منذ اسابيع علي الوجود في الازهر الشريف ـ الذي كان المقصد من بنائه آنذاك ان يكون منارة للفكر الشيعي في المنطقة.
خلاصة القول أنه إذا كان صحيحا أن الحكومة المصرية تتحمل المسئولية في الارتقاء بمستويات معيشة المواطن المصري وحماية أمنه وصون حرياته وضمان استقرار الوطن, فإنه من الصحيح أيضا ان الحكومة تتحمل المسئولية في الحفاظ علي عقيدة المواطن وحمايتها من أي انحرافات يمكن ان تصيبها.
لمزيد من مقالات عماد المهدى
No comments:
Post a Comment