محمد بلوط لا يبدي أحد من المسؤولين الفرنسيين ما يكفي من الاستعداد
لتحويل الاستياء الكامن من المواقف القطرية في مالي إلى أزمة. إن الاستثمارات
القطرية الضخمة في فرنسا، وشبكة العلاقات القطرية الواسعة داخل المؤسسات الفرنسية،
فضلاًً عن الأحزاب السياسية والكتل الاقتصادية، جميعها وفرت شبكة أمان كبيرة لحماية
تلك العلاقات من أي هزات مفاجئة. والأرجح أن زيارة وزير الدفاع الفرنسي جان إيف
لودريان التي تبدأ غداً إلى الدوحة ستحمل معها مجموعة من الأسئلة، التي بدأت تعلو
مع الاتهامات التي نقلتها الأجهزة الأمنية الفرنسية، عن النشاط القطري في مالي، قبل
التدخل الفرنسي وخلاله. وبحسب مصدر مقرب من الأجهزة الأمنية الفرنسية، قد
يكون القطريون طعنوا حلفاءهم الفرنسيين خلال عملية «قط الصحراء» في
مالي. ويقول المصدر الأمني الفرنسي إن طائرتي نقل عسكريتين قطريتين من أصل
مجموعة مؤلفة من أربع طائرات نقل اشترتها قطر في العام 2011 من الولايات المتحدة،
قد أقلعت قبل ساعات قليلة من دخول القوات الفرنسية، بمواكبة وحدات من الجيش المالي
إلى مطار غاو. وبحسب المصدر، أخلت الطائرتان أسلحة وصواريخ أرض ـ أرض، وأرض ـ جو،
وثلاث وحدات جراحية متنقلة، ووحدات من المقاتلين في المنطقة. واتجهت
الطائرتان، وفقاً للمصدر، إلى مطار قريب من مدينة سبها عاصمة الجنوب الليبي، على
بعد ألف كيلومتر من العاصمة الليبية طرابلس. وتلقت الأجهزة الأمنية الفرنسية أوامر
بعدم الكشف عن هذه المعلومات، والقول بأنها تواصل التحقيق في الأمر. وكانت صحيفة
«لو كنار إنشينه»، نشرت خلال الأشهر الماضية، معلومات سربتها الأجهزة الأمنية
الفرنسية، وتحدثت عن دعم تقدمه قطر إلى الجماعات المسلحة في شمال مالي. وتنفي
الخارجية الفرنسية بانتظام صحة هذه التقارير. ولكن اجتماعا عقد على أعلى
المستويات في الخارجية الفرنسية، وضم خبراء في الإمارة الخليجية الثرية، لبحث
التقارير التي نشرت، وفصل ما يمكن أن يكون دعاية مغرضة أو حقائق دامغة عن دعم
القطريين لجماعات إسلامية جهادية تعمل ضد المصالح الفرنسية في
أفريقيا. ويسود قلق الكي دورسيه من وجوب اتخاذ موقف واضح عندما تطرح الأسئلة
عن دعم محتمل للقطريين للجماعات الجهادية علناً. وبالرغم من أن الحكومة الفرنسية
تتجنب الربط بين الجماعات الجهادية التي تقاتلها في مالي ومنطقة الساحل، وتلك التي
تتجمع تحت لواء «جبهة النصرة» في سوريا، إلا أن وزير الداخلية الفرنسية مانويل فالس
فاجأ أكثر من مرة بالحديث عن شبكات تعمل على تجنيد فرنسيين لإرسالهم إلى
سوريا. وأصبح واضحا انه إذا ما طال التدخل العسكري الفرنسي في مالي، سيجري
تسليط الضوء على الشراكة التي تجمع الجماعات الجهادية الإسلامية، على طول القوس
الجهادي الممتد من الساحل الإفريقي حتى باكستان وأفغانستان، مروراً بشمال
سوريا. وقال مسؤول فرنسي لـ«السفير» إن الجهاديين يتقاطعون في تنظيمات
متعددة عبر الدول العربية والإسلامية، مضيفاً «قد نجد بعض الجهاديين السوريين الذين
يتدربون في ليبيا أو دول الساحل، قبل أن يعودوا للقتال في سوريا، وهم يتنقلون عبر
الحدود بطرق مختلفة». وتابع «ونعرف أن عدداً لا بأس به من الجهاديين السوريين قد
توجه إلى ليبيا في بداية الربيع العربي، وان عددا منهم قد عاد إلى
سوريا». وعن تناقض الموقف الفرنسي على الأرض في سوريا، والحرب التي تشنها
فرنسا تحت لواء مكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي، قال المسؤول الفرنسي «إذا لم
نساعد الثوار في سوريا، فسيزداد عدد الجهاديين فيها». ولم ينتظر الفرنسيون
اكتشاف البيئة الواحدة للجهاديين في الساحل وفي الشمال السوري لطرح تساؤلات عن معنى
الدعم العسكري الذي قدمته دول عربية إلى «الجيش السوري الحر» عبر البوابة التركية
بشكل خاص. وأكد مصدر امني فرنسي صحة تقرير أعده مسؤول امني فرنسي آخر في
الداخل السوري، ووضعت أجهزة أمنية عربية اليد عليه قبل أسابيع. ويوصي المسؤول
الأمني باعتماد الحيطة والحذر في عمليات إرسال وتوزيع الأسلحة على الجماعات التي
تقاتل النظام السوري بسبب وقوع بعضها في أيدي الجماعات الجهادية. وبحسب
التقرير الأمني الفرنسي فإن كميات الأسلحة المرسلة لا تصل كلها إلى «الجيش الحر»،
فكان هناك جماعات محلية تعمل مع «الجيش الحر» تبيع بعض الأسلحة والمعدات التي دخلت
عبر تركيا إلى ميليشيات لا تعد حليفاً موثوقاً ولا مقرباً من المجلس العسكري
الموحد. وبعض هذه الميليشيات ينتمي إلى جماعات جهادية مثل «جبهة النصرة». كما أن
كميات أخرى من الأسلحة وقعت في يد الجيش السوري.
الموضوعات المدرجة ضمن هذه الصفحة
تعرض للقارئ أبرز ما جاء في الصحف, وموقع المنار لا يتبنى مضمونها
|
No comments:
Post a Comment