| |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
ليس
من شك بأن وحدة الأمة من أهم عوامل استمرارية وجودها، وحيويتها، وقوتها، وأن
المحافظة على هذه الوحدة ومقاومة أفعال التدمير والتجزيء والتفتيت لهذه الوحدة من
أولى واجبات القيادات السياسية والفكرية، ومن أولى واجبات كل فرد من خلال بث الوعي
التفصيلي بهذه الاستهدافات.
ولقد
استهدف أعداء الأمة خلال القرنين الماضيين وحدة الأمة بمختلف أنواع التدمير،
وبمختلف الأساليب، وفي أزمان متتابعة. ويمكن أن نرصد ثلاثة أطراف استهدفت وحدة
الأمة بالتدمير خلال القرنين الماضيين، وهي: الغرب، إسرائيل، إيران. ونحن سنلقي
الضوء على محاولات كل طرف في تدمير وحدة الأمة، كما سنلقي الضوء على أنواع هذا
التدمير.
1-
تدمير الوحدة العرقية: من المعلوم أن أمتنا مزيج من الأعراق المختلفة: العرب،
والأتراك، والفرس، والهنود، والصرب، والبلغار.. إلخ، لذلك اشتغل الغرب على تمزيق
هذه الوحدة العرقية، وبدأ في القرن التاسع عشر في تحريك الجناح الغربي من الخلافة
العثمانية، فحرك أعراق البلغار واليونان والصرب، وأقام ثورات وأمد الثوار بالسلاح،
وقد جاء الشاعر الإنجليزي اللورد بايرون واشترك في الثورة اليونانية على الحكم
العثماني 1822، كما شارك فيها جورج واشنطن الابن من أميركا، وهو ابن جورج واشنطن
قائد الاستقلال الأميركي.
ثم
وقعت اشتباكات بين الأسطول البحري العثماني والأسطول البحري الإنجليزي في معركة عند
الشاطئ اليوناني عام 1827 شاركت فيها بعض القوات المصرية، وانتهت المعركة بهزيمة
العثمانيين ثم استقلت كل من اليونان وبلغاريا وانفصلت عن الخلافة
العثمانية.
ثم
كانت أكبر محاولة للتدمير العرقي قام بها الغرب عندما حرك الإنجليز العرب ضد
الأتراك في الحرب العالمية الأولى عام 1916، ومدوهم بالسلاح والأموال من أجل
الانفصال عن الخلافة العثمانية، ونجحت الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف
حسين في عام 1916 في فصم العلاقة بين العرب والأتراك، وقامت بعد الحرب العالمية
الأولى ونتيجة للثورة العربية الكبرى عدة دول عربية بالانشقاق عن الخلافة العثمانية
هي: العراق وسوريا والأردن وفلسطين، وقامت دولة تركية في هضبة الأناضول بقيادة كمال
أتاتورك.
كما
أثار الغرب القوميات الأخرى: الكردية والأمازيغية، بعد الحرب العالمية الأولى، وقد
أدى ذلك إلى مزيد من الاضطرابات والقلاقل والتفسخ في نسيج الأمة ووحدتها
العرقية.
إن هذا التحريش المستمر بين الأعراق المختلفة التي تقوم عليها أمتنا أدى إلى تدمير جانب من وحدتها العرقية، تسبب في إضعافها واختلافها وتمزقها وتشرذمها.
2-
تدمير الوحدة السياسية: عندما تعامل الغرب مع أمتنا في القرنين التاسع عشر والعشرين
كانت هناك خلافة عثمانية تقود الوطن العربي من المحيط إلى الخليج لها امتداد في
الغرب، وكان الارتباط السياسي محكما في البداية، لكن الغرب بدأ يستعمر أقساما من
هذه المنطقة ويفصلها سياسيا بشكل كامل عن الحكومة المركزية في إسطنبول، فقد استعمرت
إنجلترا عدن عام 1839، كما استعمرت فرنسا الجزائر عام 1832، وتونس عام 1881، ثم
استعمرت إنجلترا مصر عام 1882.
وكان
الاستعمار يقصد تجزيء الوحدة السياسية، ثم قام الاستعمار الإنجليزي والفرنسي بتجزيء
بلاد الشام إلى أربع دول، هي: سوريا ولبنان والأردن وفلسطين، كما جزأ الخليج إلى
عدة دول، وكان هذا التجزيء إضعافا لكيان الأمة وتدميرا لوحدتها السياسية.
وقامت
الدول العربية في سوريا والعراق ومصر وتونس والجزائر والسودان والمغرب وليبيا، بعد
الحرب العالمية الأولى، على تلك المبادئ والأفكار التي تنادي بإبعاد الدين عن مختلف
نواحي الحياة وحصره في المسجد، وقد طبقت تلك الدول العربية هذه المبادئ في مناهجها
الإدارية والسياسية والتعليمية والتربوية والاقتصادية والإعلامية، وكان ذلك الإبعاد
للدين عن الحياة مرحلة في تدمير الوحدة الثقافية للأمة.
ثم
جاءت مرحلة ثانية أسوأ من سابقتها نحو الدين، وهي المرحلة الاشتراكية الشيوعية التي
تهدف إلى استئصال الدين من حياة الناس، فهي لا تتوقف عند فصل الدين عن الدولة بل
تعدت إلى استئصاله من وجود الناس لأنها تعتبره أصلا في إفساد الأفراد
والمجتمع.
ولا
شك أن المرحلة الاشتراكية الشيوعية التي عمت مختلف البلدان العربية بدءا من مصر عام
1961 ثم انتقلت إلى البلدان العربية كسوريا والعراق والجزائر وليبيا واليمن
والسودان والصومال، زادت في تدمير الوحدة الثقافية، وكانت ذات نتائج سلبية على
الأمة من أبرزها: خلخلة البناء النفسي للفرد، وضياع أفراد كثيرين، وتوالي الهزائم
وأبرزها نكسة عام 1967.
ثانيا: إسرائيل.. عندما قامت إسرائيل عام 1948 استهدفت وحدة
الأمة بالتدمير لأنها من أقوى الوسائل في تعزيز مكانة إسرائيل في المنطقة وجعلها
اللاعب الأقوى، لذلك قامت بتدمير الوحدة العرقية من خلال الاتصال بالأكراد في
خمسينيات القرن الماضي، وزودتهم بالسلاح والتدريبات من أجل الثورة على الحكومة
العراقية، كما قامت بتدمير الوحدة السياسية من خلال الاتصال بالأقليات وتحريضها على
إقامة كيانات مستقلة، فهي تواصلت مع مسيحيي لبنان عام 1982 وحرضت حزب الكتائب وحرضت
رئيسه بشير الجميل على إعلان دولة مسيحية في لبنان لكنها فشلت في ذلك، كذلك شجعت
المسيحيين في جنوب السودان من أجل الانفصال عن شماله وكانت على اتصال بجون قرنق
والقيادات التي جاءت بعده ونجحت في ذلك فأعلن انفصال الجنوب عن الشمال قبل فترة
بسيطة.
وقد وضعت إسرائيل خطة كاملة لتدمير وحدة العالم العربي نشرتها مجلة
كيفونيم (Kivunim)
الإسرائيلية
في فبراير/شباط عام 1982، وهي تشمل الجزيرة العربية ومصر والمغرب العربي والعراق
وبلاد الشام.
ومن
المؤكد أن إسرائيل لا تترك فرصة من أجل تدمير وحدة الأمة السياسية والثقافية
والعرقية إلا وتستغلها، وهي لا تفتأ تقيم أوثق العلاقات مع كل الأقليات والعرقيات
والإثنيات من أجل تحريضها على الانقسام والانفصال عن كيان الأمة، وتغذيها بمختلف
الطرق والوسائل.
ثالثا:
إيران.. مارست إيران بعد أن حكمها الخميني عام 1979 أدوارا مختلفة في
تدمير وحدة الأمة بأنواعها الثلاثة، الثقافية والعرقية والسياسية، فقد أصر الخميني
على أن تكون دولته شيعية المذهب، وسخر قدراتها المالية والعسكرية والإدارية في خدمة
المذهب الشيعي.
وقد
أصرت الدولة والملالي من بعده على نشر المذهب الشيعي في كل الأماكن السنية، مع أن
قيادات أهل السنة رجتهم وتوسلت إليهم ألا يفعلوا ذلك، كما فعل الشيخ القرضاوي معهم،
ومع ذلك لم يستجيبوا وأصروا على نشر المذهب الشيعي في البلاد السنية مما أدى إلى
الصراع المذهبي، وإلى التصادم والاضطراب في كثير من البلدان وهي: مصر، والجزائر،
وتونس، ومعظم دول أفريقيا، وجاءت النتيجة الطبيعية لهذا الإصرار على نشر المذهب
الشيعي تدمير جانب من الوحدة الثقافية للأمة.
فإن
إيران دعمت الطائفة الشيعية في العراق، وأمدتها بكل أنواع الدعم المالي والعسكري
والثقافي، وتعاون الطرفان -الشيعة في العراق وإيران- مع أميركا لإسقاط نظام صدام،
ثم ها هو نوري المالكي يحكم العراق باسم إيران، وقد أدت كل تلك الممارسات السياسية
إلى تقسيم العراق عمليا إلى ثلاث دول: كردية في الشمال، وسنية في الوسط، وشيعية في
الجنوب، وهو ما يعني تدمير الوحدة السياسية للعراق.
أما
عن تدمير الوحدة العرقية فإنه قد ثبت أن قيادة إيران السياسية تمارس تمييزا
واضطهادا نحو الأعراق الأخرى في إيران، فهي تضطهد البلوش والعرب والكرد والأذريين..
إلخ، لذلك تشكلت عدة جبهات من تلك الأعراق وحملت السلاح من أجل استرداد حريتها
وحقوقها القومية، وكان بالإمكان لقيادة ملالي إيران أن تقدم نموذجا حيا لتآخي
الأعراق ووحدتها واندماجها في إيران الإسلامية، لكنها لم تفعل ذلك، ومما يؤكد
توجهها العرقي الفارسي هو احتفالها بالأعياد الفارسية ومنها عيد
النيروز.
الخلاصة:
إن وحدة الأمة من أهم عوامل قوتها، لذلك استهدف أعداء الأمة هذه الوحدة بالتدمير،
واجتهدوا في تدمير الوحدة العرقية والسياسية والثقافية، وقد عملت ثلاثة أطراف على
تدمير وحدة الأمة، هي: الغرب، وإسرائيل، وإيران الإسلامية.
المصدر:الجزيرة
شروط الخدمة
شارك برأيك
انشر تعليقك عن طريق تسجيل الدخول باحدى الطرق التالية:
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي
الجزيرة وإنما تعبر عن رأي أصحابها
اتّقي الله، نحن لسنا في حاجة لمزيد من الفتن... هل تملك الشجاعة و
تضع يدك على موطن الداء؟ اليس المشكل فينا نحن الذي رضينا بالهوان و رضينا بحكام
جهلة ضالمين و أئمة ضالين ؟ الان يجب المصالحة و التسامح و قول كلمة طيبة... هذه
الكتابات تشعل الفتن و تكرّس التفرقة و البغض..
لماذا الهجوم على ايران في هذا الوقت مع ان العصابات الاسرائيلية كانت
تفسد في فلسطين منذ اكثر من 70 عاما ولم يحرك العرب ساكنا والان بعد فشلكم فانكم
تلومون الاخرين لتغطوا على مشكلتكم الداخلية في انظمتكم البالية .
الله اکبر ! لماذا الکذب؟ ایران ماکانت مع الامریکان فی غزو العراق بل
دول الخلیج و الاردن و مصر امبارک هم الذین تعاونوا مع الامریکان.
اولا ما الفرق بین الغرب واسرائیل؟ لو لا الغرب ما کان لاسرائیل وجود.
ثانیا ماذا تقول عن القاعدة و من ورائها؟ ثالثا ماذا تقول عن فضائیات الفتنه؟
ياسيدي لم يكن السبب الرئيس بتفتيت الامه الغرب وربيبتهم اسرائيل لكن
العامل الرئيسي والاساسي هم الحكام العرب قبل غيرهم وانظر بميزان الحق وزنه قبل ان
يزنه الله نعم الغرب والفرس هم من الد اعداء العرب والاسلام (...) اما الغرب
ومواليهم من الحكام العرب والعقود بينهم فانها لاتخفى على عاقل فاوجد بيئه مهيئه
لتدمير الامتين العربيه والاسلاميه .
نتفق معك أن الغرب و اسرائيل قد عملوا على تدميرنا و لكن لسذاجتنا ما
سيكس بيكوا ببعيد و لورانس العرب الذي جيش عرب الجزيرة على تدمير الخلافة العثمانية
اليوم ها هو سيكس بيكو جديد و العرب بأموالهم يستمعون للراعي الامريكي ينساقون
لتدمير بلدانهم هي السذاجة بعينها أما ايران فهي دولة تفكر كما تفكر الدول تبني
قوتها تنتهز الفرص مثل انهيار العراق أما دول الخليج فيبنون القصور و الجزر و
ناطحات السحاب و نسو الجيوش حتى أصبحوا يطلبون الجيرة من أمريكا و فرنسا مثل ملوك
الطوائف من ألفونسو في بلاد الاندلس و ضاعت ال
تدمير الوحدة السياسية: عندما تعامل الغرب مع أمتنا في القرنين التاسع
عشر والعشرين.....مصطلح (الغرب) الاستعمار الانجليزي والاستعمار الفرنسي.....طيب
قبل ذالك من الذي قضى على مملكة اسبانيا وكيف سقطت؟ ثم من كان يجمع ويفرق ما بين
فرنسا وانجلترا؟ مصالح وطموحات النخب الحاكمه، من يقود هذه النخب؟ الغرب! ام رأس
المال، من يقف خلف رأس المال؟
بمثل هكذا تحليلات، التي ترى قصارى جهدها البحثي في زيادة عدد
شماعاتنا شماعة أخرى. هي لا تسبر أغوار مشكلاتنا الذاتية وتريح نفسها عناء البحث
واستقراء تاريخنا وتدغدغ مشاعر الرأي العام بتبسيط مخل خادع.لن نصل بها إلا لما
نشكوه.معادلة مغلوطة مفادها: لا عليك يا أخي إبن مذهبي، كل ما نحن فيه منهم أما أنت
ونحن فبخير ويخزي العين عنا شو محسودين. والحسود بعينه دود. بإذن الله ونصر منه.
مره تقول الحكم العثماني، ومرات تقول الخلافه العثمانيه، مسأله مصطلح
(الخلافه) هذا عجيب امره حيث ادى الى اسقاط الشورى والاخذ بالنموذج الامبراطوري
الروماني والفارسي....استعمال مصطلح الخلافه يحمل ضبابيه ومحاوله لاغتيال مصطلح
الشورى، الرسول خاتم النبيين والاربعه من بعده كانوا امراء للمؤمنيين خلف بعضهم بعض
بناء على مبدأ دوله الشورى الاسلاميه، من معنى اخر هذه الدوله (دولة الشورى) هي
خليفة الله في الارض وليس شخص اميرها....الانسان خليفة الله في نفسه ودوله الشورى
الاسلاميه خليفة الله في المجتمع...
ما اروع الموضوع من كاتب مخلص وانا شخصيا اتحدث كثيرا بنفس الموضوع
واطلب من الاخ الكاتب الحديث عن وحدة الامه الاسلاميه قبل هذه الفتره وعوامل القوه
فيها وهل سيتم ذلك في الحاضر والمستقبل باذن الله وجزاك الله خيرا...
الإبلاغ عن تعليق
هل انت متأكد من وجود اساءة أو محتوى غير لائق في التعليق
المختار؟ الرجاء تعبئة سبب الابلاغ عن التعليق حيث ستقوم الجزيرة باتخاذ الاجراءات
عند اللزوم
شكراً لك
لقد تم ارسال تعليقك الى الجزيرة و سيتم نشره على الموقع بعد
تدقيقه
لاعضاء الجزيرة فقط
سيتم اشعارك بوقت نشر التعليق على موقع الجزيرة عن طريق بريدك الالكتروني
شكراً لك
لقد تم إرسال الابلاغ عن التعليق الى الجزيرة لاتخاذ
الاجراءات الازمة
عضو الجزيرة
تسجيل الدخول الى موقع الجزيرة
|
Tuesday, May 28, 2013
This guy blaming everyone but not the corrupt oil Arab tyrants, same old diplacing the anger of Muslims and Arabs against America and Israel so the masses uinte with the Arab gulf tyrants and they stay in power.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)